بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاده استشهاد عثمان علي العبيدي درس في الوطنية وصفعة للطائفيين

 

بقلم :- شمخي جبر

عثمان علي شاب في مقتبل العمر ؛ الا انه قدم درسا عراقيا عظيما في الكرم والإيثار؛ عجز عن تقديمه الكثير من الكبار؛ وذهب على طريق الشهادة ؛ لا على طريقة أعداء الحياة زارعي الموت المجاني كل يوم في شوارع وحارات العراق الجريح ؛ بل على طريقة المدافعين عن الحياة وعشاق الإنسانية؛ علمنا كيف يسموا الفعل الإنساني على الشعارات الجوفاء الباهتة ؛ وكيف ترتفع الروح الناصعة البياض على العهر السياسي ؛ وكيف يكون الموت انتصارا ؛ فهتف (إن موتي انتصار) ؛ انتصارا على كل المرابين المتاجرين بالدماء والأرواح البريئة ؛ انتصارا على كل الهويات الطائفية والقبلية التي يتخندق خلفها البعض ليقتل أخيه ؛ كانت روح عثمان ؛ أزكى واطهر هوية؛ ورمزا وطنيا يتشرف بحملها جميع الوطنيين العراقيين ؛ روحا عبرت الطائفية الى صوب الوطن ؛ فعبرت عن شموخ الهوية العراقية وإنسانيتها وإيثارها وكرمها( الجود بالنفس أعلى غاية الجود) وأجاد بها عثمان بكل سكينة وهدوء وطيبة خاطر وتفان ؛ فصفع وأزاح جانبا كل العازفين على أوتار الفرقة والتشرذم . ان استشهاد عثمان علي( لوى شارب) كل القوافي والبحور الشعرية فطرحها أرضا ؛ وتقزمت البلاغة أمام هذا المشد الضاج بالحب والمضمخ بالوطنية ؛ كل مفردات اللغة وعبارات المديح والرثاء نثرا وشعرا انسلت خجلا ؛ لأنها لا تستطيع ان تطاول كل هذا الكرم والجود . جعل الطائفيين يقفون مصعوقين مبهوتين مذهولين فاغري الأفواه وكأن على رؤوسهم الطير من هول الصدمة؛ فكأنهم كانوا ينفخون حين ينفخون بنار الفتنة والفرقة؛ كأنهم ينفخون في قربة مثقوبة؛ أمام هذا المشهد تهدمت آمال صانعي الموت بسياراتهم المفخخة ؛ او بأحزمتهم الناسفة ؛ وموزعي الموت المجاني؛ الشاربين دماء الأبرياء ؛ روح عثمان قالت لنا ليس ثمة أمل للتكفيريين والإرهابيين وقائدي فرق الموت؛ وممولي المليشيات ؛ وقائدي أسراب الجراد الأسود والأخضر وكل ألوان قوس قزح الموت العراقي . لم يفق سدنة الموت من صدمتهم الى الآن لأنها أقوى مما يحتملون ؛ إلا أن عثمان لم يصدم او يتردد حين سمع نداء طلب النجدة والدعوة للإجارة والغوث وهي تنبعث من مكبرات الصوت في جامع أبي حنيفة النعمان . لم يستشهد عثمان حبا بالموت او بغضا بالحياة ؛ بل لأنه أراد أن يمنح الحياة لآخرين وقد منحها لهم فعلا ؛ لم يمت على طريق الموت بل مات على طريق الحياة . ان الحمامات البيضاء التي أطلقها عبر جسر الأئمة كانت صلة الوصل بين الرصافة والكرخ لترميم الهوية العراقية ؛ ومرسالا للحب بين الاعظمية والكاظمية ؛ وستطرد غربان الموت عن سماء العراق ؛ وستبقى عيون المها تتنقل بأمان بين الاعظمية والكاظمية ؛ حاملة الحب والسلام والوئام رغم أنوف الطائفيين الراكبين مطية الفرقة والتشرذم والاحتراب الطائفي . فكان استشهاد عثمان علي تبديدا لأحلام الحالمين وبعثرة لأوراق المخططين وتقطيعا لخيوط التآمر الطائفي واطفاءا لنار الطائفية التي يحاول تأجيجها زعماء وسدنة الفتنة . عثمان علي رمز من رموز السلام والحرية والحياة والأخوة والتسامح واحترام التنوع والاختلاف ؛ وسيبقى راية خفاقة لا تظلل إلا الوطنيين الشرفاء ؛ وسيبقى النخاسين والمرابين وزعماء الموت والفرقة الطائفية لا يظللهم إلا العار .

زر الذهاب إلى الأعلى