العراق: واحة الأمن والاستثمار وقصة نجاح تستحق الضوء

بقلم :- اللواء الدكتور سعد معن الموسوي

في عالم يتسارع فيه الإيقاع يبرز العراق كدولة أعادت صياغة حاضرها لتبني مستقبلًا اقتصاديًا يليق بمكانتها. عام 2024 كان شاهدًا على تحول نوعي في مسار التنمية والاستثمار، حيث نجح العراق في جذب استثمارات تجاوزت 69 مليار دولار خلال فترة قصيرة لا تتجاوز 18 شهرًا. هذا الإنجاز، الذي لا يمكن أن يولد في فراغ، هو نتاج الاستقرار الأمني الذي أصبح السمة الأبرز للبلاد، والقاعدة التي قامت عليها نهضة اقتصادية جديدة.

العراق اليوم ليس فقط دولة بثروات طبيعية هائلة، بل هو أرض تزخر بالفرص وتفتح أبوابها أمام كل من يرى في الاستثمار شراكة للنمو. لقد أتقنت الحكومة العراقية توظيف الاستقرار الأمني لبناء بيئة مشجعة على العمل والإنتاج، واستطاعت بخطوات مدروسة أن تنقل صورة جديدة للعراق؛ صورة الدولة التي توفر الأمان والفرص والتسهيلات التي تضع المستثمر أمام طريق واضح نحو النجاح.

من مشاريع البنية التحتية إلى تطوير قطاع الطاقة والاستثمار في التكنولوجيا، حقق العراق قفزات نوعية لا يمكن إغفالها. المدن التي كانت يومًا مراكز للصراع أصبحت اليوم محاور للتطوير، والموانئ التي كانت تئن تحت وطأة الإهمال باتت شرايين تجارية تتدفق منها الحياة الاقتصادية. كل هذا لم يكن ليحدث دون قيادة واعية استوعبت أهمية الأمن كدعامة أساسية لأي مشروع تنموي.

إن النجاح الذي تحقق لم يقتصر على توفير فرص العمل أو تعزيز الناتج المحلي، بل كان له أثر أعمق: إعادة بناء الثقة. ثقة المواطن في قدرة بلده على النهوض، وثقة المستثمر في أن العراق لم يعد مجرد ساحة للمخاطر، بل منصة للإبداع والنمو. هذه الثقة، التي بُنيت على أساس الاستقرار، هي العملة الأقوى التي يحملها العراق اليوم في سوق التنافس الإقليمي والعالمي.

لكن كل قصة نجاح بحاجة إلى من يرويها. وهنا، يأتي دور الإعلام. على الإعلام العراقي أن يتحول إلى نافذة تُطل منها الإنجازات، إلى صوت يحمل رسائل الأمل والعمل، وإلى مرآة تعكس للعالم حقيقة ما يجري. لا يكفي أن نحتفل بالإنجازات داخليًا، بل يجب أن نُظهرها للعالم بصورتها الحقيقية، كدليل على أن العراق تجاوز التحديات وبدأ مرحلة جديدة عنوانها البناء والتنمية.

ما يحتاجه العراق اليوم ليس فقط استمرار هذه المشاريع، بل أيضًا منبرًا يبرزها. الإعلام المحلي أمام مسؤولية تاريخية لتسليط الضوء على ما تحقق، ليس كأرقام جامدة، بل كقصص نجاح ملهمة تعكس قدرة العراق على النهوض. على الإعلام أن يروي كيف تحول الاستقرار الأمني إلى أرضية صلبة للإنجاز، وكيف أصبحت مشاريع البنية التحتية والطاقة جسورًا تعبر نحو مستقبل أكثر إشراقًا.

العراق اليوم يقف في نقطة تحول تاريخية. الاستثمارات التي تتدفق إلى البلاد ليست مجرد مشاريع اقتصادية، بل هي إشارات قوية على أن العراق يكتب فصولًا جديدة من قصة نجاحه. ولأن النجاح يولّد النجاح، فإن هذه المشاريع ستفتح آفاقًا جديدة، ليس فقط للمستثمرين المحليين، بل لكل من يبحث عن فرصة حقيقية في بلد يعيد تعريف ذاته بثقة.

في هذا المشهد، يبقى الاستقرار الأمني هو البطل الصامت، الذي يمهد الطريق لكل إنجاز. والعراق، الذي عرف كيف يُحوّل تحدياته إلى فرص، يُثبت للعالم أن الأمن ليس فقط غياب الصراع، بل هو حجر الأساس لبناء وطن يُلهم، واقتصاد يُزهر، ومستقبل يليق بأبنائه. على الإعلام أن يحمل هذه الرسالة للعالم، ليعلم الجميع أن العراق ليس مجرد بلد يستعيد عافيته، بل هو نموذج يُحتذى به في إعادة البناء والإصرار على النجاح.

زر الذهاب إلى الأعلى