“بان زياد” دم مستباح بين السياسيين والناشطين وفضائيات التأويل
بقلم / عامر جاسم العيداني
قضية الطبيبة بان زياد في البصرة تحولت إلى واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل ليس بسبب الحادثة بحد ذاتها بل بسبب الغموض الذي يكتنفها “هل هو انتحار أم جريمة قتل؟ هذا الغموض الطبيعي في أي تحقيق جنائي استُغل بشكل فجّ ليصبح مادة للتقسيط السياسي والتوظيف الإعلامي.
نرى بعض السياسيون ومرشحي الانتخابات وجدوا في دم “بان زياد “فرصة للانتقام وتصفية الحسابات فاندفع البعض نحو تسقيط محافظ البصرة أسعد العيداني وتحميله المسؤولية حتى قبل أن تُكشف نتائج التحقيق وكأنهم لا يبحثون عن الحقيقة بقدر ما يبحثون عن مكاسب انتخابية رخيصة.
لكن الأخطر كان دور بعض من يسمّون أنفسهم “نشطاء مدنيين ” هؤلاء الذين يُفترض أن يكونوا صوت المجتمع وعقل الشارع انساقوا وراء لغة التحريض والاتهامات الجاهزة فصاروا جزءًا من معركة التسقيط بدل أن يكونوا دعاة للعدالة بعضهم استغل الحادثة للظهور الإعلامي وآخرون لتصفية حسابات شخصية أو سياسية متناسين أن القضية تخص حياة إنسان وعائلة مكلومة.
ولم تسلم الفضائيات من هذا المشهد بل على العكس كانت المساهم الأكبر في صناعة البلبلة خصصت برامج كاملة تبني سيناريوهات متناقضة تتحدث عن الانتحار تارة وعن جريمة قتل منظمة تارة أخرى بينما الهدف الحقيقي كان رفع نسب المشاهدة وإشعال المزيد من الجدل هكذا تحولت استوديوهات الفضائيات إلى ساحات تسقيط وتأويل بدل أن تكون منابر مسؤولة لكشف الحقائق.
قضية “بان زياد ” ليست دعاية انتخابية وليست مادة إعلامية للتكسب وليست فرصة لتسجيل المواقف على حساب الآخرين بل هي قضية إنسانية في جوهرها ولا يليق التعامل معها إلا بمسؤولية أخلاقية وقانونية. المطلوب ببساطة:
– تحقيق شفاف وصريح يضع حدًا لكل التأويلات.
– احترام عائلتها ووقف المتاجرة بدمها.
– محاسبة من يثبت تقصيره بعد ظهور النتائج لا قبلها.
– التوقف عن استباحة القضايا الإنسانية في صراع السياسة والإعلام.
“بان زياد ” لم تمت لتكون مادة دعائية أو عنوانًا لبرامج الفضائيات بل رحلت لتكشف لنا نحن كمجتمع أي درك هبطنا إليه حين أصبح الدم وقودًا للصراع بدل أن يكون جرس إنذار للعدالة.