محرم… حين يلتقي نداء الحسين بصوت الأڤستا”

ابراهيم الزراري

 تختلط الألوان والأديان، يظل شهر محرم عند الشيعة لوحة إنسانية باذخة بالكرم والعطاء. فهذه الطقوس ليست مجرد مراسم دينية، بل لغة محبة يفهمها كل قلب، مهما كان دينه أو لونه أو أصله.

في أيام محرم، يفرحون حين تراهم يخدمونك، ويزداد وجههم إشراقًا إذا أكلت من طعامهم أو شربت من مائهم. لا يسألون عن مذهبك أو عقيدتك، بل عن حاجتك. والأجمل، أن بعضهم، حتى بعد أن غيّر دينه، ظل محافظًا على هذه الطقوس، وكأنها ميراث وجداني أعمق من التحوّلات الشخصية.

وفي الأڤستا، الكتاب المقدس للزرادشتية، ترد كلمات تلامس هذه الروح:

“كُن كريمًا في العطاء، فالنور الذي تهبه للآخرين سيعود ليضيء طريقك” (يسنا 34:3).

“أعطِ الخبز والجُرعة للمسافر والعابر، فذلك مما يُقرّب روحك من الخير الأعلى” (فنديداد 4:47).

كأن هذه الآيات العتيقة تتناغم مع مائدة الحسين، ومع يد الشيعي الممتدة بالضيافة في الأزقة والطرقات، لتقول إن الكرم ليس مذهبًا، بل إنسانية.

هكذا يصبح محرم جسرًا بين الماضي والحاضر، بين الحسين الذي ضحى من أجل العدل، وزرادشت الذي دعا إلى الخير والنور. وفي هذه اللحظة، لا يبقى في العراق شيعي أو سني أو زرادشتي أو مسيحي… بل يبقى إنسان، يمد يده لأخيه الإنسان

Press enter or click to view image in full size

زر الذهاب إلى الأعلى