المرأة شريك حاضر وقرار لا يعد

 

استبرق جودة

تواجه الساحة السياسية العراقية معضلة حقيقية تتجلى في ضعف أداء عدد كبير من المرشحات للانتخابات وهو ما يثير تساؤلات جدية حول مدى جدية الأحزاب السياسية في صقل مهارات النساء اللواتي يتم ترشيحهن فبدلاً من تقديم قيادات نسوية فاعلة ومؤثرة نجد أن الكثير من المرشحات يظهرن ضعفاً واضحاً في خطابهن الإعلامي والسياسي ليتحولن إلى مجرد دمى أو كومبارس في المشهد السياسي وهو ما لا يخدم تطلعات المجتمع العراقي ولا يعزز من دور المرأة الحقيقي في بناء الدولة

إن هذا الإخفاق يعود بالأساس إلى غياب رؤية واضحة لدى معظم الأحزاب السياسية لتمكين المرأة بشكل حقيقي فغالباً ما يتم التركيز على استيفاء الكوتا النسائية كمتطلب شكلي دون الاهتمام ببناء القدرات القيادية والسياسية للمرشحات لا يتم توفير التدريب الكافي في مجالات الخطاب السياسي فنون الإلقاء إدارة الحملات الانتخابية وصياغة البرامج السياسية المتكاملة فالكثير من النساء المرشحات يفتقرن إلى الخبرة السياسية اللازمة ولا يتم تأهيلهن لخوض غمار المنافسة الانتخابية بفعالية أو لمواجهة التحديات التي يفرضها العمل السياسي يقتصر دور بعض الأحزاب على اختيار نساء من دوائر مقربة أو ذات نفوذ عشائري أو عائلي دون الأخذ بالاعتبار الكفاءة الفعلية أو القدرة على التأثير مما يؤدي إلى وصول شخصيات لا تمتلك القدرة على التعبير عن قضايا المرأة والمجتمع بوضوح وقوة وتفشل في إقناع الناخبين ببرامجها

كما أن ثقافة الأحزاب نفسها تلعب دوراً محورياً في هذا الإخفاق فغالباً ما تسيطر الذهنية الذكورية على مراكز القرار داخل هذه الأحزاب مما يحد من فرص النساء المتميزات في الصعود وتولي المناصب القيادية وقد تجد النساء اللواتي يمتلكن الكفاءة والشجاعة فكرياً صعوبة في إيجاد الدعم اللازم داخل هذه الكتل أو قد يتم تهميشهن لصالح شخصيات أكثر طواعية وأقل قدرة على التحدي هذا الواقع يرسخ فكرة أن المرأة في السياسة العراقية هي مجرد واجهة أو رقم إحصائي وليست شريكاً فاعلاً في صنع القرار

إن ما نحتاجه في العراق اليوم هو نساء قياديات حقيقيات قادرات على الإدارة السياسية الفاعلة يمتلكن رؤية واضحة لمستقبل العراق ويستطعن التعبير عن هذه الرؤية بخطاب سياسي قوي ومؤثر نريد نساء لا يخشين التحدي ويستطعن الدفاع عن حقوق المرأة والمجتمع بجرأة ولديهن القدرة على المساهمة بفعالية في بناء مؤسسات الدولة وتعزيز مسار التنمية هذا يتطلب من الأحزاب السياسية أن تتحمل مسؤوليتها في الاستثمار الحقيقي في كوادرها النسائية وتوفير برامج تدريب وتأهيل متخصصة والبحث عن الكفاءات بعيداً عن المحسوبيات وتمكين النساء من أدوات الخطاب السياسي والإعلامي بحيث يصبح صوتهن مسموعاً ومؤثراً ويساهمن بفعالية في رسم مستقبل العراق فالبلاد بحاجة ماسة إلى طاقات جميع أبنائها وبناتها الكفؤات وليس مجرد تمثيل شكلي لا يضيف شيئاً للمشهد السياسي.

زر الذهاب إلى الأعلى